ريال مدريد | خطأ بينيتيز، وأين رونالدو؟!

-انقسمت مُباراة سانشيز بيثخوان إلى قسمين أساسيين، القسم الأول كان في أول 35 دقيقة حينما اكستح ريال مدريد مُنتصف الميدان فتحكم في المُباراة طولًا وعرضًا وجعل إشبيلية يظهر كفريق عاجز عن الوصول لمناطق كاسيّا. أما القسم الثاني فهو بعد هدف التعادل الذي سجله إيموبيلي والذي قلب الموازين تمامًا وجعل ملامح اللقاء تتغير لتُصبح لصالح الفريق الأندلسي.
 

الشق الأول من الللقاء: أول نصف ساعة من المُباراة كانت مثالية فعلًا للفريق المدريدي، حيث تمكّن ثلاثي خط الوسط المُكوّن كاسيميرو، مودريتش وكروس من إجبار فريق إيمري على التراجع بشكل مُخيف للخلف، وهو أمر لم تعتد عليه أبدًا الفرق التي يُدربها أوناي...الضغط المتقدم والمُستمر الذي قام به لاعبو الريال، بما فيهم بيل وإيسكو كان فعالًا جدًا، وأجبر فيريرا، تريموليناس ورامي على القيام بتمريرات خاطئة في مناطق خطيرة جدًا من الملعب، لكن الريال لم يستغل الكرات الكثيرة التي استرجعها في الثلث الأخير من ملعب الفريق الأندلسي، فدفع الثمن بعد ذلك.
الشق الثاني! ماذا تغير؟! بعد هدف التعادل، لم يتغير شيء في النوايا، لكن الفارق أصبح في الحالة النفسية للاعبين، وفي تطبيقهم لما قيل داخل غرفة الملابس...الريال الذي كان يضغط بفاعلية ويقطع جل كرات الخصم في مناطق متقدمة جدًا من ملعبه أصبح يتلقى هجمات مرتدة بالجملة في ظهر كروس ومودريتش، وسط تألق غير مسبوق لكونوبليانكا من جهة السيء جدًا دانيلو، وعجز كبير لخط الوسط في مهامه الدفاعية!
ما حصل في مُباراة الليلة يُثبت أن كرة القدم ليست تكتيكًا فقط، بل الرسم التكتيكي فيها يكاد لا يكون شيئًا أمام العامل النفسي وثقة اللاعبين بأنفسهم! عندما كان ريال مدريد في حالة ذهنية جيدة، شاهدنا كيف أجهز على إشبيلية المتأثر بالخسارة أمام مانشستر سيتي بضغطه المتقدم، لكن ما إن شعر لاعبو إيمري أنهم فعلًا قادرون على الوصول لمرمى كاسيّا، وعرفوا مكامن الخلل الكامنة في الأظهرة، حتى انقلبت الآية، وأصبح لاعبو خط وسط الريال يركضون دون جدوى.
أين رونالدو؟! رونالدو لم يعد بأي وجه من الأوجه ذلك اللاعب الحاسم القادر على إخراج ريال مدريد من وضعيات صعبة! النجم البرتغالي لعب كثيرًا داخل منطقة الجزاء تاركًا المجال أمام بيل للتحرك على الرواق الأيسر، لكنه لم يقدم أي إشعار بأنه موجود في الملعب! سلبية لا تُصدق لمن كان قبل أشهر قليلة فقط أفضل لاعب في العالم! استمرار الدون بهكذا مستوى سيدق ناقوس خطر كبير في ريال مدريد الذي سيكون عليه البحث عن لاعب مرجعي جديد في الفريق...قد يقول البعض أن غياب بنزيمة هو سبب ظهور رونالدو بهكذا مستوى، لكنني لا أرى أن ذلك صحيحًا، ولو كان صحيحًا لانتقص كثيرًا من قيمة رونالدو.
لا يُمكن الحديث عن المُستوى الكارثي في الشق الدفاعي للريال دون الحديث عن دانيلو الذي كان لُقمة سهلة جدًا للأوكراني كونوبليانكا والذي كان رجل المقابلة دون منازع! النجم الأوكراني اكتسح دانيلو طولًا وعرضًا، وجعل من الجهة اليسرى طريقًا سيارًا صنع منه أكثر من ثلثي فرص إشبيلية، وهدفين من الأهداف الثلاثة....والتساؤل هنا، أفعلًا دانيلو قادر على اللعب كأساسي في الريال، أو حتى تعويض كاربخال؟! فهذه ليست المباراة الأولى التي يظهر فيها بشكل مخيب جدًا!

خطأ بينيتيز: الكل يعلم أن نقطة تحول المباراة كانت هدف إيموبيلي، لكن ما لم أفهمه هو إصرار بينيتيز على اللعب بخطوط متقدمة رغم إن إشبيلية أصبح يُخرج الكرة بنجاح وفاعلية كبيرتين عبر الأروقة! كان من الواجب على المُدرب الإسباني أن يتراجع للخلف ليحد من خطورة إشبيلية، وبالتالي الحد من سلاحه الأول والأخير في اللقاء وهو الهجمات المرتدة. تعامل بينيتيز مع اللقاء لم يكن جيدًا أبدًا، رغم أنه لم يكن العامل الوحيد في سقوط الريال بتلك الطريقة.

إشبيلية | الأروقة كانت حل إيمري!

لا فائدة من تكرار ما ذكرناه في الفقرة الخاصة بريال مدريد، فإشبيلية –عكس ريال مدريد- دخل اللقاء بصورة سيئة للغاية، ولولا الهدف (غير المستحق) لإيموبيلي لما عاد بتلك الطريقة للقاء كون الهدف الثاني للريال كان أقرب بكثير من هدف التعادل لإشبيلية...لكن الحظ كان بجانب إيمري هذه المرة.

نزونزي وكريتشوفياك تحولا من نقطة ضعف كبيرة في خط وسط إشبيلية، إلى أحد نقاط قوته! لكن ذلك لم يحصل سوى بعد تراجع بانيجا للخلف من أجل مساعدتهما على إخراج الكرة بشكل صحيح...الفرنسي والبولندي كانا تحت رحمة مودريتش ونزوني في بادئ الأمر، لكن ارتفاع نسق اللقاء من جهة ناديهما مكنهما من التقدم قليلًا وتصعيب مهمة الريال أكثر في الوصول لمناطقهم.

قوة الأروقة: نقطة قوة إشبيلية كانت عبر الأروقة...فيتولو وخاصة كونوبليانكا كانا كلمة السر في مباراة الليلة، حيث اكتسح الأوكراني دانيلو واستغل عودة بانيجا لمستواه ليشكل رفقته ثنائيًا مميزًا جدًا...كاسميرو ورغم جهوده الكبير في الحد من مد إشبيلية، إلا أنه لم يتمكن وحيدًا (دون مساندة كروس ومودريتش) من القيام بشيء كبير أمامهما.

كان من الواضح أن إيمري يعول كثيرًا على الأروقة في مباراة اليوم بعد أن دفع بظهيرين هجوميين (فيريرا وتريموليناس)، بالإضافة إلى أفضل أجنحته...بينيتيز تمكن في بداية اللقاء من خنقهما عن طريق تحركات بيل وإيسكو، لكن ما إن تحررا حتى أصبح النادي الأندلسي أكثر قوة وخطورة على مرمى كاسيّا.